فقد بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على حين فترة من الرسل بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، فبلَّغ البلاغ المبين، وتركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، ولم ينتقل -صلى الله عليه وسلم- إلى الرفيق الأعلى إلا بعد أن دل أمته على كل خير، وزجرها ونهاها عن كل شر، ودعا أمته والدنيا بأسرها إلى دين الوحدة والتوحيد، فتعجب المشركون من هذه الدعوة
وقالوا:
(أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ)
[ص: 5]،
ورد عليهم القرآن بقوله: (أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ)
[يوسف:39].
وقد سلك النبي -صلى الله عليه وسلم- مسلك البشارة والنذارة فكان يبشر من آمن بالجنة، وينذر من خالف بالعذاب
(مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا)
[الأحزاب:45،46].
ولما انتقل -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة وحد بين الأوس والخزرج من جهة، وبين المهاجرين والأنصار من جهة أخرى، وأرسى دعائم الوحدة والتوحيد، ودخل الناس في دين الله أفواجًا، ثم كانت الانطلاقة الكبرى شرقاً وغرباً، وامتلك المسلمون ملك كسرى وقيصر، وغيَّر ربُّنا بسلفنا الصالح وجه الأرض
(إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)
[الرعد:11]،
وقد توالت البشارات الصادقة التي تستحث النفوس المؤمنة على مواصلة الطريق في الاعتصام بالوحي المنزل والتشبه بخير القرون فيما كانوا عليه من وحدة وتوحيد.
(أ) وعد بطائفة ناجية:
عن معاوية -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول: (لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى قَائِمَةً بِأَمْرِ اللَّهِ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِىَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ)
[رواه مسلم]،
وفي لفظ:
(مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِى الدِّينِ وَلاَ تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)
[رواه مسلم]
وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول:
(لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ – قَالَ – فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ –صلى الله عليه وسلم- فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ تَعَالَ صَلِّ لَنَا. فَيَقُولُ لاَ. إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ؛ تَكْرِمَةَ اللَّهِ هَذِهِ الأُمَّةَ)
[رواه مسلم].
وعن عبد الرحمن بن شماسة المهري قال: كُنْتُ عِنْدَ مَسْلَمَةَ بْنِ مُخَلَّدٍ وَعِنْدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ:
(لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ عَلَى شِرَارِ الْخَلْقِ هُمْ شَرٌّ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ لاَ يَدْعُونَ اللَّهَ بِشَيءٍ إِلاَّ رَدَّهُ عَلَيْهِمْ).
فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ فَقَالَ لَهُ مَسْلَمَةُ: يَا عُقْبَةُ اسْمَعْ مَا يَقُولُ عَبْدُ اللَّهِ. فَقَالَ عُقْبَةُ: هُوَ أَعْلَمُ، وَأَمَّا أَنَا فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: (لاَ تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ قَاهِرِينَ لِعَدُوِّهِمْ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ).
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَجَلْ،
(ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا كَرِيحِ الْمِسْكِ مَسُّهَا مَسُّ الْحَرِيرِ فَلاَ تَتْرُكُ نَفْسًا فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنَ الإِيمَانِ إِلاَّ قَبَضَتْهُ ثُمَّ يَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ عَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ)
[رواه مسلم]
قال البخاري في وصف هذه الطائفة: هم أهل العلم.
وقال الإمام أحمد: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدرى من هم؟
وقال القاضي عياض: إنما أراد أحمد أهل السنة والجماعة.
وذكر ابن تيمية: أن أهل السنة هم الطائفة المنصورة.
وقال النووي: يحتمل أن هذه الطائفة مفرقة بين أنواع المؤمنين، وعدَّد أنواعهم فقال: إنهم شجعان مقاتلون، فقهاء، محدثون زهاد، آمرون بالمعروف، وناهون عن المنكر، ومنهم أهل أنواع أخرى من الخير ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين، بل قد يكونون متفرقين في أنحاء الأرض.
وحرص المسلم على أن يكون من الطائفة الظاهرة الناجية المنصورة، لا يمنعه من أن يدعو الآخرين إلى سبيل ربه، فالمسلم مرتبط ارتباطا عضويا بكل مسلم آخر، تتهاوى أمام هذا الارتباط الجبال وتعبر البحار والمحيطات، وتلغى الحدود وتتحطم العصبيات.
جاء في كتاب معالم الانطلاقة الكبرى (ص 78):
«أهل السنة والجماعة إذن هم الجمهور الأكبر والسواد الأعظم من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، ممن تمسكوا بكتاب ربهم وسنة نبيهم -صلى الله عليه وسلم-، وأحبوا أصحابه ووالهم وأخذوا عنهم الحديث النبوي الشريف علماً وعملاً، فقهاً وسلوكاً، فهم الذين يرفعون شعار القرآن والسنة والإجماع، فيتمسكون بجماعتهم ويلمون شملها، ويحافظون على ائتلافها، وينضوون تحت رايتها بعيدين عن رايات وشعارات الفرق الضالة من أهل الشذوذ والتفرق والأهواء والاختلاف، وداخل جماعة أهل السنة يتفاوت الناس في العلم والعمل والخير والشر والعدل والظلم والصبر والبغي والكف والعدوان، ولكنهم خلال ذلك يعلمون أن الاعتصام بالأخوة والموالاة والائتلاف هو أصل جماعتهم وعماد دينهم وحقيقة هويتهم ورحمة ربهم لهم».
تجديد دين الأمة:
عن أبى هريرة- رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:
(إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا)
[أخرجه أبو داود والحاكم والطبراني في الأوسط بإسناد صحيح]
قال الخطيب في التاريخ:
وقد اعتمد الأئمة هذا الحديث فروينا في المدخل للبيهقي بإسناده إلى الإمام أحمد أنه قال بعد ذكره إياه: فكان في المائة الأولى عمر بن عبد العزيز، وفى الثانية الشافعي، وقد يحدث هذا التجديد على يد فرد، وقد يحدث على يد جماعة من أهل السنة تتوافر فيهم صفات الطائفة الناجية الظاهرة المنصورة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
فاحرص أختاه أن تكون واحداً من هؤلاء
الذين يجدد الله بهم دينه، ويعلي بهم كلمته، ويفتح بهم أعيناً عمياً، وقلوباً غلفاً، وتفقه في دينك قبل أن ترأس وتسود، وتربى على الهمة، فهذه هي تربية القادة والسادة التي نفتقدها ضمن ما نفتقده لا تربية للعبيد، ففي دعاء المؤمنين:
(وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)
[الفرقان: 74]
وانظر لقول هند بنت عتبة -رضي الله عنها- عندما دخل عليها أحد أقاربها وكانت تحمل صغيرها معاوية،
فقال لها:
إن عاش معاوية ساد قومه، قالت: ثكلته إن لم يسد إلا قومه.
فإن ذلك شيء من هذه التربية، فاستدرك وأحسن تربية أولادك ومن حولك، فدعوتك دعوة عالمية، ينبغي أن تكون على مستواها في شمولية النظرة وسعة الحركة، واسأل الله من فضله، عساه يؤلف بك شتات قلوب العباد، وينصر بك دينه، وليس ذلك على الله بعزيز.
عودة الخلافة الراشدة:
أجمع العلماء على وجوب نصب الخلافة لإقامة الدين وسياسة الدنيا به، ولم يخالف في ذلك إلا الأصم حيث أنه كان عن الشريعة أصم كما قال الإمام القرطبي، والأدلة في ذلك كثيرة من كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم–
قوله –تعالى-:
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)
[البقرة:30]
وقد آل الأمر في النهاية إلى الخلافة العثمانية التي وصفت بخلافة الجهل والفقر والمرض، إلا أنه مهما قيل عنها فلها حسناتها التي لا ينبغي أن تغفل، فقد حمت الخلافة العثمانية العالم الإسلامي أكثر من أربعمائة عام من الغزو الصليبي، وتكفى مواقف السلطان عبد الحميد -آخر سلاطين الدولة العثمانية-، الذي ضحى بعرشه ولم يفرط في قضية فلسطين،
وقال قولته المشهورة:
(بلغوا الدكتور هرتزل –اليهودي- ألا يبذل بعد اليوم شيئاً من المحاولة في هذا الأمر -التوطن بفلسطين– فإني لست مستعداً أن أتخلى عن شبر واحد من هذه البلاد لتذهب إلى الغير، فالبلاد ليست ملكي، بل هي ملك شعب روى ترابها بدمائه، فليحتفظ اليهود بملايينهم من الذهب، وإن الدولة العلية لا يمكن أن تختبئ وراء حصون بنيت بأموال أعداء الإسلام، ولست مستعداً لأن أتحمل في التاريخ وصمة بيع بيت المقدس لليهود وخيانة الأمانة التي كلفني المسلمون بحمايتها، وإن ديون الدولة ليست عاراً لأن غيرها من الدول الأخرى مدين، مثل فرنسا. إن بيت المقدس قد افتتحه المسلمون أول مرة في خلافة عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- ولست مستعداً أن أتحمل في التاريخ وصمة بيعها لليهود وخيانة الأمانة )
وقد جرت محاولات لاغتيال السلطان عبد الحميد -رحمه الله- وإسقاطه حتى تم لهم ذلك بانقلاب سنة 1908م،
فهدموا دولة الخلافة واستوطنوا فلسطين وانتزعوها من غير مال ولا مقاومة تذكر، وكثرت نعرات الوطنية والقومية هنا وهناك، وعاد الأمر غريباً كما بدا غريباً، فالواجب علينا تكاتف الجهود والعمل لإعادة الخلافة الإسلامية، وقد بشرت الأحاديث بأنها ستكون خلافة على منهاج النبوة،
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:
(تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةً عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ ثُمَّ سَكَت)
[رواه الإمام أحمد وغيره، وصححه الألباني].
وعن أبي قيبل قال: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي، وَسُئِلَ: أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلاً: الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟
فَدَعَا عَبْدُ اللهِ بِصُنْدُوقٍ لَهُ حَلَقٌ، قَالَ: فَأَخْرَجَ مِنْهُ كِتَابًا، قَالَ:
فَقَالَ عَبْدُ اللهِ:
(بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَكْتُبُ، إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلاً، قُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلاً يَعْنِي قُسْطَنْطِينِيَّةَ)
[رواه احمد والحاكم، وصححه ووافقه الذهبي].
قال الألباني -رحمه الله-:
«ورومية هي روما كما في معجم البلدان وهى عاصمة إيطاليا اليوم، وقد تحقق الفتح الأول على يد محمد الفاتح العثماني كما هو معروف، وذلك بعد أكثر من ثمانمائة سنة من إخبار النبي -صلى الله عليه وسلم-، وسيتحقق الفتح الثاني -بإذن الله تعالى- ولابد، ولتعلمن نبأه بعد حين» (ص:88)
ولاشك أيضا أن تحقيق الفتح الثاني يستدعي أن تعود الخلافة الراشدة إلى الأمة المسلمة.
أبشروا فالمستقبل للإسلام:
عن ثوبان -رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
(إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِىَ الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِى سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِىَ لِى مِنْهَا)
[رواه مسلم]
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
(لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلاَ يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الإِسْلاَمَ، وَذُلاًّ يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ)
[رواه أحمد، وصححه الألباني]
وفي الحديث أيضا:عن أبي سلمة، عن عائشة -رضي الله عنه–
قالت: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: لاَ يَذْهَبُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى تُعْبَدَ اللاَّتُ وَالْعُزَّى. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لأَظُنُّ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ (هُوَ الَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)
أَنَّ ذَلِكَ تَامًّا قَالَ: إِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَوَفَّى كُلَّ مَنْ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَيَبْقَى مَنْ لاَ خَيْرَ فِيهِ فَيَرْجِعُونَ إِلَى دِينِ آبَائِهِمْ)
[رواه مسلم]
فلا داعي لليأس حتى وإن أصبح أمرنا يدار على موائد، وتكالب علينا أراذل الأمم، كما تتكالب الأكلة على القصعة، فالمستقبل للإسلام بغلبته وظهوره.
قال الألباني -رحمه الله-:
«هذا ومما يجب أن يعلم بهذه المناسبة أن قوله -صلى الله عليه وسلم-:
(لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم)
رواه البخاري في الفتن من حديث أنس -رضي الله عنه- مرفوعاً.
فهذا الحديث ينبغي أن يفهم على ضوء الأحاديث المتقدمة وغيرها،
مثل أحاديث المهدي ونزول عيسى -عليه السلام- فإنها تدل على أن هذا الحديث ليس على عموم بل هو من العام المخصوص، فلا يجوز إفهام الناس إنه على عمومه فيقعوا في اليأس الذي لا يصح أن يتصف به المؤمن
(إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)
[يوسف:87]،
اسأل الله أن يجعلنا مؤمنين حقا أ.هـ
فهيا بينا نوحد صفوفنا لنتسلم راية قيادة البشرية، وهذا يتطلب عمل الفريق بداية ونهاية، مع معرفة كلاً منا بدوره، فقد نحتاج لأن نجدف وسط أمواج عاتية حتى نصل إلى بر الأمان،
وَآخِرُ دَعْوَانا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
0 تعليقات
اترك تعليق