التعوذ بالله من الشيطان الرجيم

 

 التعوذ بالله من الشيطان الرجيم



ثبت بالأحاديث الصحيحة أن الشياطين تصفد في شهر رمضان .
عن أَبي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ‏(‏ إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ،
 وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ ) رواه البخاري ( 1899 ) ، ومسلم ( 1079 ) .

لكن هذا التصفيد لا يلزم منه عدم التعوذ بالله من الشيطان الرجيم في شهر رمضان ، 

لا سيما في المواضع التي شرع فيها التعوذ بالله منه ، كما هو الحال عند قراءة القرآن الكريم ،

 أو عند دخول الخلاء ، ونحو ذلك ؛ وهذا لأمرين :
الأمر الأول : الحديث أثبت تصفيد الشياطين وأنها تسلسل في شهر رمضان ، لكنه لم ينص على توقف وسوستها أصلا .
قال أبو الوليد الباجي رحمه الله تعالى :
" وقوله ( وصفدت الشياطين ) : يحتمل أن يريد به على الوجه الأول أنها تصفد حقيقة ،

 فتمتنع من بعض الأفعال التي لا تطيقها إلا مع الانطلاق ، وليس في ذلك دليل على امتناع تصرفها جملة ، 

لأن المصفد هو المغلول العنق إلى اليد ، يتصرف بالكلام والرأي وكثير من السعي ..." انتهى " المنتقى " ( 2 / 75 ) .
ولمزيد الفائدة عن معنى تصفيد الشياطين راجع الفتوى رقم : ( 39736 ) ، ورقم : ( 12653 ) .
الأمر الثاني :
التعوذ بالله من الشيطان الرجيم شرع وأمر به في عدة مواطن ؛ منها : عند نزغ الشيطان ووسوسته ، قال الله تعالى :
( وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) الأعراف /200 .
وكذلك يشرع التعوذ عند إرادة قراءة القرآن ، قال تعالى أيضا :
( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) النحل /98 .

وهذا يعني ؛ أن التعوذ بالله من الشيطان الرجيم أمر تعبدي مشروع ، 

فلا يصح القول بعدم فائدته في وقت من الأوقات إلا بنص ممن شرع هذا العمل أصالة ، لأنه أمر غيبي لا مدخل للعقل فيه ،

 وحيث لم يستثن الشرع رمضان من عموم الأمر بالتعوذ بالله من الشيطان ،

 فلا وجه لاستثناء ذلك بمجرد الاستنباط العقلي ، حتى مع التسليم بتصفيد الشياطين في رمضان ؛

 فإن ذلك كله من خبر الشرع ، وأمره ، ولا تعارض بينهما في شيء .

فالخلاصة : على المسلم أن يستمر في التعوذ بالله من الشيطان الرجيم في مواضعه المشروعة ،

 ولا يترك ذلك بمجرد رأي يعرض لنظره ، أو شبهة تطرأ في ذهنه .

والله أعلم .

إرسال تعليق

0 تعليقات