بسم الله الرحمن الرحيم
{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّـهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}
{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّـهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}
[سورة هود: 88].[/color]أدلة التحريم من القرآن الكريم:قوله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ}[سورة لقمان: 6
].قال حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما:"هو الغناء"،
وقال مجاهد رحمه الله: "الله و: الطبل" (تفسير الطبري)،
وقال الحسن البصري رحمه الله: "نزلت هذه الآية في الغناء والمزامير" (تفسير ابن كثير)
.قال ابن القيم رحمه الله:"ويكفي تفسير الصحابة والتابعين للهو الحديث بأنه الغناء فقد صح ذلك عن ابن عباس وابن مسعود، قال أبو الصهباء: سألت ابن مسعود عن قوله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ}،
فقال: "والله الذي لا إله غيره هو الغناء" - يرددها ثلاث مرات -،
وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا أنه الغناء.."(إغاثة اللهفان لابن القيم).وكذلك قال جابر وعكرمة وسعيد بن جبير ومكحول وميمون بن مهران وعمرو بن شعيب وعلي بن بديمة و غيرهم في تفسير هذه الآية الكريمة. قال الواحدي رحمه الله: "وهذه الآية على هذا التفسير تدل على تحريم الغناء"(إغاثة اللهفان).ولقد قال الحاكم في مستدركه عن تفسير الصحابي:
"ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديث مسند".
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه إغاثة اللهفان معلقا على كلام الحاكم: "وهذا وإن كان فيه نظر فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير من بعدهم،
فهم أعلم الأمة بمراد الله من كتابه، فعليهم نزل وهم أول من خوطب به من الأمة، وقد شاهدوا تفسيره من الرسول علما وعملا، وهم العرب الفصحاء على الحقيقة فلا يعدل عن تفسيرهم ما وجد إليه سبيل".وقال تعالى:{وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} [سورة الإسراء: 64].جاء في تفسير الجلالين: {وَاسْتَفْزِزْ}: "استخف"،
{بِصَوْتِكَ}:"بدعائك بالغناء والمزامير وكل داع إلى المعصية"، وهذا أيضا ما ذكره ابن كثير والطبري عن مجاهد.
وقال القرطبي في تفسيره:"في الآية ما يدل على تحريم المزامير والغناء واللهو.. وما كان من صوت الشيطان أو فعله وما يستحسنه فواجب التنزه عنه".وقال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا}[الفرقان: 72].وقد ذكر ابن كثير في تفسيره ما جاء عن محمد بن الحنفية أنه قال: "الزور هنا الغناء"،وجاء عند القرطبي والطبري عن مجاهد في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ}
،قال: "لا يسمعون الغناء".وجاء عن الطبري في تفسيره:"قال أبو جعفر: وأصل الزور تحسين الشيء،
ووصفه بخلاف صفته، حتى يخيل إلى من يسمعه أو يراه، أنه خلاف ما هو به،والشرك قد يدخل في ذلك لأنه محسن لأهله، حتى قد ظنوا أنه حق وهو باطل، ويدخل فيه الغناء لأنه أيضا مما يحسنه ترجيع الصوت حتى يستحلي سامعه سماعه"(تفسير الطبري).وفي قوله عز وجل:{وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا}،قال الإمام الطبري في تفسيره:"وإذا مروا بالباطل فسمعوه أو رأوه، مروا كراما. مرورهم كراما في بعض ذلك بأن لا يسمعوه، وذلك كالغناء".
أدلة التحريم من السنة النبوية الشريفة:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ليكونن من أمتي أقوام، يستحلون الحر والحرير، والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم، يروح عليهم بسارحة لهم، يأتيهم - يعني الفقير - لحاجة فيقولوا: ارجع إلينا غدا، فيبيتهم الله، ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة»[رواه البخاري].
وقد أقرّ بصحة هذا الحديث أكابر أهل العلم منهم الإمام ابن حبان، والإسماعيلي، وابن صلاح، وابن حجر العسقلاني، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والطحاوي، وابن القيم، والصنعاني، وغيرهم كثير.وقال الإمام ابن القيم رحمه الله:"ولم يصنع من قدح في صحة هذا الحديث شيئا كابن حزم نصرة لمذهبه الباطل في إباحة الملاهي،وزعم أنه منقطع لأن البخاري لم يصل سنده به". وقال العلامة ابن صلاح رحمه الله: "ولا التفات إليه (أي ابن حزم)في رده ذلك.. وأخطأ في ذلك من وجوه.. والحديث صحيح معروف الاتصال بشرط الصحيح"(غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب لإمام السفاريني)
.وفي الحديث دليل على تحريم آلات العزف والطرب من وجهين:
أولاهما قوله صلى الله عليه وسلم: «يستحلون»، فإنه صريح بأن المذكورات ومنها المعازف هي في الشرع محرمة، فيستحلها أولئك القوم.ثانيا: قرن المعازف مع ما تم حرمته وهو الزنا والخمر والحرير، ولو لم تكن محرمة - أي المعازف - لما قرنها معها"(السلسلة الصحيحة للألباني ).قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"فدل هذا الحديث على تحريم المعازف، والمعازف هي آلات اللهو عند أهل اللغة، وهذا اسم يتناول هذه الآلات كلها"(المجموع).وروى الترمذي في سننه عن جابر رضي الله عنه قال:«خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن عوف إلى النخيل، فإذا ابنه إبراهيم يجود بنفسه، فوضعه في حجره ففاضت عيناه، فقال عبد الرحمن: "أتبكي وأنت تنهى عن البكاء؟"،قال: "إني لم أنه عن البكاء، وإنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة: خمش وجوه وشق جيوب ورنة"»[قال الترمذي: هذا الحديث حسن، وحسنه الألباني صحيح الجامع 5194].وقال صلى الله عليه و سلم:«صوتان ملعونان، صوت مزمار عند نعمة، وصوت ويل عند مصيبة» [إسناده حسن، السلسلة الصحيحة 427].
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«"في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف"، فقال رجل من المسلمين: "يا رسول الله ومتى ذاك؟"، قال: "إذا ظهرت القيان والمعازف وشربت الخمور"»[حسنه الألباني].وروى أبي داوود في سننه عن نافع أنه قال:«سمع ابن عمر مزمارا، قال: فوضع أصبعيه على أذنيه، ونأى عن الطريق،وقال لي: "يا نافع هل تسمع شيئا؟"، قال: فقلت: "لا"، قال: فرفع أصبعيه من أذنيه، وقال: "كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فسمع مثل هذا، فصنع مثل هذا"»[رواه أبو داود وصححه الألباني].
و علق على هذا الحديث الإمام القرطبي قائلا: "قال علماؤنا: إذا كان هذا فعلهم في حق صوت لا يخرج عن الاعتدال، فكيف بغناء أهل هذا الزمان وزمرهم؟!
"(الجامع لأحكام القرآن للقرطبي).أقوال أئمة أهل العلم:قال الإمام عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه:
"الغناء مبدؤه من الشيطان وعاقبته سخط الرحمن" (غذاء الألباب).ولقد نقل الإجماع على حرمة الاستماع إلى الموسيقى والمعازف جمع من العلماء منهم: الإمام القرطبي وابن الصلاح وابن رجب الحنبلي.
فقال الإمام أبو العباس القرطبي:
"الغناء ممنوع بالكتاب والسنة"،وقال أيضا: "
أما المزامير والأوتار والكوبة (الطبل) فلا يختلف في تحريم استماعها ولم أسمع عن أحد ممن يعتبر قوله من السلف وأئمة الخلف من يبيح ذلك،وكيف لا يحرم وهو شعار أهل الخمور والفسوق ومهيج الشهوات والفساد والمجون؟
وما كان كذلك لم يشك في تحريمه ولا تفسيق فاعله وتأثيمه"
(الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيثمي).
وقال ابن الصلاح: "الإجماع على تحريمه، ولم يثبت عن أحد ممن يعتد بقوله في الإجماع والاختلاف أنه أباح الغناء".قال القاسم بن محمد رحمه الله: "الغناء باطل، والباطل في النار"
.أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
0 تعليقات
اترك تعليق