هل أقبل الزواج من رجل عقيم

السؤال

♦ الملخص:

امرأة عزبة نيَّفت على الثلاثين، أحبها زميل لها في العمل، اتضح لها بعد ذلك أنه عقيم، فرفضت الزواج منه، فكلمها بكلامٍ أحدث جرحًا في قلبها، ثم عاد وراسلها على الماسنجر، وتسأل:

هل ما فعلته خطأ؟

وهل أغلق ذلك الباب من أبواب الشيطان، فأحظره؟

♦ التفاصيل:

السلام عليكم، أنا امرأة عزبة أبلغ السادسة والثلاثين من عمري،

وقد منَّ الله – والحمد لله – عليَّ بنِعَمٍ كثيرة؛

فأنا بارة بوالديَّ، ولديَّ عملي، فأنا أعمل في جامعة حكومية،

ومن فترة يسيرة أتى إلينا موظف جديد يناهز الخمسين من العمر، ملتزم دينيًّا؛ يصوم النوافل، ويصلي الجماعات،

وهو متزوج، منذ فترة بدأت أشعر باهتمامه بي، لكنني لم آخذ الأمر على محمل الجد، ثم إنه منذ أيام أتى إليَّ،

وقال لي: إنه معجب بي، ويطلبني للزواج، وأنا أعلم أنه ليس لديه ولد، وكنت أحسب أن المشكلة في زوجته،

وعندما سألته، أخبرني أنه عقيم لا ينجب، فسألته: لماذا تأتي إليَّ وتطلبني للزواج إذًا؟

فقال لي أن أخلاقي عجبته، وقال لي حرفيًّا: “أحبك”، ولا أنكر أني كأي امرأة عندما اعترف لي بحبه لي، أثَّر فيَّ، لكنني امرأة عملية أحكِّم عقلي وديني في كل أموري، واستحييت أن أجرَحه، فقلت له: أنت شخص محترم، لكني لا أستطيع أن أتزوج من شخص متزوج،

ولم أشأ أن أجرحه وأقول له أنا أريد أطفالًا، وأريد أن أكون أمًّا، فردَّ عليَّ ردًّا جرحني وشعرت بصاعقة تنزل عليَّ: “هل تضمنين أن يأتي إليك من يتزوجك؟ هل تضمنين ألَّا يكون عقيمًا؟ هل تضمنين ألَّا تكوني أنتِ عاقرًا؟

إن أهلك سيتركونك وستبقين أنتِ وحيدة في النهاية”،

فقلت له: إن ربي ما خلقني ليتركني، وتعجبت إذ كيف يرد عليَّ مثل هذا الرد وهو يحبني،

ثم إن حالته النفسية ساءت منذ رفضته، وأصبح منطويًا على نفسه، لا يشارك أحدًا شيئًا؛ ما أصابني بحزن عميق، فأنا لم أقصد أذيَّته أبدًا،

ثم إنه أرسل إليَّ رسائل على الماسنجر، لكني لم أردَّ عليها؛ خوفًا من أن تتطور العلاقة بيننا إلى ما حرَّمه الله عز وجل، فأنا امرأة في سنٍّ حرجة، وأحتاج إلى الحب والزواج والأمومة،

هل عليَّ من خطأ فيما فعلت؟

هل أحظره وأغلق ذلك الباب من أبواب الشيطان؟

كلامه القاسي لا يزال في ذهني، وسبَّب لي حالة من الحزن والاعتقاد بأني سأظل وحيدة، فقولوا لي شيئًا يخفف من سهام كلماته في نفسي،

وجزاكم الله خيرًا.

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فأختي الغالية،

قسَم الله الرزق بين عباده وجعله منوعًا بفضله،

فمِنَّا مَن أفاض عليه بنعمة المال، ومنا من كثَّر لديه الولد،

ومنا من أتم عليه نعمة العافية، وكل عطائه رحمة،

وكل منعه فضل، ومما ورد في السلسلة الضعيفة – وأسوقه للاستئناس فقط –

ما رُويَ عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أنس:

((إن من عبادي المؤمنين من لا يصلح إيمانه إلا بالغِنى، ولو أفقرته لأفسده ذلك، وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلح إيمانه إلا الفقر، فلو بسطتُ له لأفسده ذلك، وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلح إيمانه إلا الصحة، ولو أسقمته لأفسده ذلك، وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلح إيمانه إلا السقم، ولو أصححته لأفسده ذلك، إني أُدبِّر عبادي بقلوبهم، إني عليم خبير))،

فكوني على يقين بأن تأخير زواجكِ هو الخير الذي قضى لكِ به الله عز وجل؛

لعلمه بكِ وبما يصلحكِ، وتأملي نِعَمَ الله عليكِ، تهدأ نفسكِ، وتقرَّ عينكِ، وينسرب الرضا في أنحاء نفسكِ، فتتبدل نظرتكِ لهذا الرجل الذي يحاول فرض نفسه عليكِ،

ولو أنصف لاكتفى بزوجه التي تحملت عقمه، تلك العلة الكبيرة العظيمة التي لم يكن هو ليتحملها لو أنها في زوجه،

ولكن الله قدرها عليه لعلمه به أيضًا، وربما رحمة به، ونحن لا ندرك حكمة الله، فهي أرزاق.

موقفكِ في البداية كان عاقلًا متزنًا أعجبني، ولكن المرأة خُلقت بعاطفة جياشة تحركها، فعندما رفضتِ الزواج منه، عدتِ تتعاطفين معه بسبب انطوائه وشدة حزنه، ولا أريد أن أخوض فيه، وأقول: ربما افتعل ذلك ليؤثر عليكِ، وإلا لو أنه حقًّا حزن وتأثر، فلماذا تواصل معكِ على الماسنجر بعد ذلك، وبدأ الحوار يتسع بينكما؟

يا بنتي الغالية، هذا الرجل لم يفِ لزوجه التي وهبته عمرها رغم عقمه، والله وحده عالم بما تصبرت به وما كابدته؛ لأن عاطفة الأمومة لدى المرأة أقوى من الرجل بكثير، ثم يأتي في عمر الخمسين يريد أن يتزوجكِ متعللًا أنكِ تأخرتِ أو ربما لن تنجبي.

عفا الله عما سلف، أغلقي الباب في وجه هذا الرجل الأناني، وإن استطعتِ الانتقال من مقر العمل الذي يجمعكما فافعلي، واستمري في التشبث بالأمل في كرم الله عز وجل، وسيرزقكِ الله الزوج المناسب والذرية الصالحة بإذن الله.

أرجو ألَّا يُفهَمَ من كلامي أنني ضد التعدد، بل أنا من أكثر المشجعات عليه بحقه، ولو أتاكِ رجل متزوج وذو خلق، ويعرف حق ربه وواجبه تجاهه – فوافقي فورًا، ولا تتأخري أكثر من ذلك، ولو لم تخرجي من زواجكِ إلا بطفلين تعيشين لهما، وتقومين بتربيتهما على توحيد الله، فقد فزتِ ورُزقتِ.

ارفضي هذا الرجل لأنانيته، واقبلي أول خاطب مناسب حتى لو كان متزوجًا ولديه أولاد.

أرجو السرعة في حظره؛ فالنفس تميل.

إرسال تعليق

0 تعليقات